من إعداد وكتابة فريق مختبر المنامة
تأسس مختبر المنامة في أواخر العام الماضي من قبل أربعة معماريين بحرينيين، ليكون مختبرًا متخصصًا في الأبحاث والتصميم في كل ما يخص علاقة الإنسان بالمكان، من نطاقها المادي (tangible) وحتى نطاقها غير المادي (intangible). محدثةًحوارًا أعمق، ليملأ مساحة فارغة بين التنظير والحراك المكاني و قائمةً على نشأة مدينة المنامة و الأسس التي جعلتها مدينة مستدامة شمولية.
المنهج المميز الذي اتبعه المختبر في التحليل والتصميم والإنتاج، جعل منه شريكًا استراتيجيًا للعديد من الجهات الرسمية والأهلية،. حيث عمل مختبر المنامة على إعداد الاستراتيجيات، وتصميم التجارب المكانية لفعاليات جوهرية عديدة في قلب المنامة، عاصمة مملكة البحرين، كفعالية “سينما المنامة” التي قدمتها هيئة البحرين للسياحة والمعارض في أواخر شهر نوفمبر الماضي. حيث عكف مختبر المنامة على صناعة تجربة مكانية مستوحاة من تاريخ السينما في البحرين ، تجربة تمتد من تصميم ساحات العرض والأنشطة -الجانب المادي (tangible)- إلى صناعة الهوية البصرية التي تخاطب الجمهور ببعده الثقافي -الجانب الغير مادي (intangible)-.
و كان تاج ما شارك مختبر المنامة في صناعته، هو فعالية “من البريد” من تنظيم هيئة البحرين للثقافة والآثار. وهي تجربة مكانية امتدت لستة أيام سبت متتالية، احتفِيّ خلالها بهوية مدينة المنامة و تاريخها العميق، عبر تحديد موضوع محوري لكل أسبوع، وذلك كله في متحف البريد، أولأولى متاحف البحرين المتخصصة، وموقع أول مكتبٍ بريديّ في الخليج. ساهم مختبر المنامة في صنع الهوية العامة للتجربة، من الاستراتيجية العامة واختيار الشخصيات المساهمة إلى اللغة البصرية المستخدمة.
ينظر مختبر المنامة للمدينة على أنها مجموعة من التجارب الإنسانية في حيز مكاني معروف وهو المفهوم الشمولي الذي انطلق منه العمل على فعالية “من البريد”. عمل مختبر المنامة على صناعة الاستراتيجية العامة لهذه الفعالية أولًا، حيث كان الهدف من هذه الفعالية هو تفعيل متحف البريد، ليرقى لمكانته بأن يكون مساحة محورية للناس ضمن ازدحام المدينة، وتمتد التجربة لاستكشاف تفاصيل المدينة وجمالياتها العمرانية والتاريخية والثقافية. و تمكن المختبر من إدراكه عبر صياغة ثلاثة فعاليات رئيسية تمتد على نطاق اليوم. أولها:، جولة ثقافية صباحية تنطلق من متحف البريد، وتستهدف المهتمين لمعرفة المدينة فهمًا حسيًّات وثقافيًا أعمق. ثانيها:، جولة تصوير مسائية تجعل من متحف البريد أولى محطاتها، وتجمع المصورين المحترفين والهواة في مسارات حيوية وتفاعلية تعزز وجود المدينة في مواقع التواصل الاجتماعي والوجدان الفني. ثالثها:، جلسات نقاشية ليلية، تجعل من متحف البريد موقعًا لحراك فكري نابض، أو مصدرًا لتاريخٍ شفهيٍ ثريّ. و تم تحقيق ذلك عبر تقسيم كل سبت على محاور فريدة لينمو الحس و الفكر التحليلي لدى المشاركين و نمو قدرة التطلع على المدينة بمنظور متعدد الطبقات.
وبعدها أشرف مختبر المنامة على اختيار من يقدم جولات التصوير، ومن يتحدث أو يدير الجلسات النقاشية، كخطوة ثانية تعزز عمق الحراك الثقافيّ وجودته، ثم انفرد بكل جهده ليصنع ويقدم الجولات الثقافية.
قدم مختبر المنامة ٥ جولات، عرضت كل جولة جزءًا من تاريخ المدينة وثقافتها، معرفةً بالهوية الجامعة للمدينة. جاعلةً من المساحات الحسية المادية (tangible) محورًا لصناعة محتوىً حسيّ غير مادي (intangible).
وختم مختبر المنامة مشاركته في صناعة هذه الفعالية التي تعزز الهوية حيّة للمدينة، بتصميم الهوية البصرية، التي استلهمها من تاريخ البريد في البحرين، جاعلًا ماضي المدينة وحاضرها، وتراث الأجيال الماضية مادةً لثقافة الأجيال القادمة لمختلف الأعمار و عمق الاهتمام لدى الجمهور.
هوية متجددة، تعبر نطاق كتب التاريخ، وتسيل من حيز المكان إلى وجدان الإنسان.